عفوا ايها الثوار
مقدمه لابد منها
تعريف الثورة
تعدد تعريف الثورة فى كتب العلوم السياسية وكتب الاجتماع والاقتصاد والتاريخ
ولكنى يمكن ان اختزلها فى ثلاث كلمات
( فرض ارادة الشعب )
بنظرة متأنية فى درسات العلوم السياسية والتاريخ والجغرافيا وعلم الاقتصاد وعلم الاجتماع
ندرك ان ثورات الشعوب مثل الاحداث الطبيعيه الكبرى من زلازل وبراكين واعاصير
احداث لا تعود بعدها الحياة الى ماكانت عليه ابدا
احداث تعيد تشكيل حياة البشر وتعيد تشكيل الواقع السياسى والاقتصادى والاجتماعى وحتى الجغرافى وتغير مسار التاريخ
حيث تقوم الثورة بتدمير واقع قديم والقضاء عليه نهائيا ليحل محله واقع جديد تماما ليس تعديلا للواقع القديم وليس تجميلا له
ولكنه واقع جديد لا يمت باى صله للواقع القديم
واقع جديد بتوجهات سياسيه جديدة
ونظام اقتصادى جديد
وتركيبه جديدة للمجتمع
وتحدثنا تلك الدراسات ايضا عن الاسباب الرئيسية لثورات الشعوب وكلها تجمع على ان الظلم والفساد والافساد والتفريط فى الكرامه القوميه للوطن من اهم اسباب الثورات
وتخبرنا تلك الدراسات ايضا عن حدث اخر تمر به بعض المجتمعات وهو الانقلاب
ونكتشف بالدراسه الفرق بين الحدثين ( الثورة والانقلاب )
فالانقلاب
هو مجرد تغيير فى راس النظام الحاكم حيث ينحصر هذا التغيير فى شخص الحاكم وحاشيته المقربه
بينما يظل النظام باكمله كما هو فارضا نفس الارادة القديمه على الوطن
اما الثورة
فتسقط كامل النظام بجميع اركانه التى يعتمد عليها فى الحكم وفرض ارادته على الوطن
تمهيدا لخلق واقع جديد يعبر عن ارادة الثوار
وفرق اخر هو ان الانقلاب يكون تعبيرا ارادة احد اركان النظام الحاكم او بعض تلك الاركان التى تختلف حول شخص الحاكم ولكنها تتفق مع ارادة النظام
بينما الثورة تكون تعبيرا عن ارادة اغلب الشعب التى تختلف بصورة مطلقه عن ارادة النظام الحاكم بجميع اركانه
وهو ما يعنى ان الانقلاب يضحى فيه بشخص الحاكم وحاشيته المقربه مع الحرص الشديد على بقاء النظام فارضا نفس الارادة على الوطن
بينما يكون اول هدف للثورة هو اسقاط كامل النظام ليتمكن الثوار من فرض ارادتهم على الوطن
وتحدثنا تلك الدراسات ايضا عن فرق جوهرى بين الانقلاب والثورة
وهو ان الثورة مثل الاحداث الطبيعيه الكبرى تتكون على مر سنين عديدة فى رحم الوطن حتى تترسخ حتميه الثورة فى وجدان ابناؤه بعدما يدركون عن وعى حقيقى خطورة استمرار النظام فى الحكم وما يمكن ان يقود الوطن اليه من خطر كبير يدركون معه ان الموت اهون مما سيلاقونه اذا استمر ذلك النظام فى فرض ارادته على الوطن
وتحدث الثورة على شكل موجات متتابعه بفواصل زمنيه تختلف من مجتمع الى اخر فالثورة الفرنسيه اكملت موجاتها على مدار ثلاثين عاما منذ بدايه الثورة حتى ظهرت الجمهوريه الفرنسيه الاولى
بينما ثورة يوليو فى مصر استغرقت ثلاثه عشر عاما حتى اتمت مهمتها ( 1952 / 1965 )
وتختلف طبيعه كل موجه وشدتها وعنفها حسب موقع الثوار من السلطه وطبيعه الشعب
فالثورة الفرنسيه بدات بالعنف لان الثوار كانوا بعيدين عن السلطه ولم يكن امامهم سوى العنف للوصول للسلطه
وشاركتها فى العنف الثورة الروسيه
بينما كانت ثورة يوليو فى مصر ثورة بيضاء لان الثوار كانت بيدهم السلطه ونتيجه لطبيعه الشعب المصرى المتسامحه
بينما الانقلاب يكون وليد لحظته بعدما يدرك احد اركان النظام ان الحاكم اصبح عبئا يعرض استمرار النظام فى فرض ارادته للخطر
فيقرر التضحيه بالحاكم وحاشتيه المقربه حفاظا على استمرار النظام فى فرض ارادته على الوطن
نظام الحكم
تصور ان الحاكم وحاشيته المقربه هم نظام الحكم تسطيح ساذج للواقع
فنظام الحكم هو جميع المؤسسات وكل فرد يساهم فى فرض ارادة ما على الوطن
من هذا المنطلق يكون نظام الحكم مكونا من
اولا
مؤسسه الرئاسه وقمتها الحاكم وتحدد السياسات التى تكفل بفرض الارادة على الشعب وتامر بتنفيذ تلك الخطوات التى تكفل نجاح تلك السياسات فى فرض تلك الارادة على الوطن
ثانيا
السلطه التشريعيه وتضع تلك القوانين التى تضمن تنفيذ تلك الارادة وفرضها على الشعب وتجرم اى محالوه لتحدى هذه الارادة او الخروج عليها
ثالثا
السلطه التنفيذيه وتكون مهمتها الالتزام الدقيق بتنفيذ تلك السياسات التى تضمن خضوع الشعب لتلك الارادة
رابعا
القضاء وتكون مهمته الحرص على تنفيذ تلك القوانين التى تضمن نجاح النظام فى فرض ارادته على الوطن
خامسا
الشرطه واجهزة الامن وتكون مهمتها ضمان فرض ارادة النظام على الشعب بالقوة
سادسا
الجيش وتكون مهمته الالتزام بفرض ارادة النظام خارج حدود الوطن مع الاستعداد عند اللزوم او الحاجيه اليه الى التدخل داخل الوطن بكل قوته لضمان استمرار النظام فى فرض ارادته على الشعب بالقوة
سابعا
منظومه الاعلام وتكون مسئوله عن اقناع الشعب بجميع الطرق بفائدة استمرار النظام وفائدة استمرار فرض تلك الارادة على الشعب بوساطه ذلك النظام تحديدا
ثامنا
منظومه التعليم وتكون مسئوله عن تشكيل وجدان ابناء الشعب بطريقه تضمن الخضوع التام للنظام وترسيخ حتميه استمرار فرض تلك الارادة على الشعب
تاسعا
منظومه الفن والادب وتكون مسئوله عن الترويج للنظام ورجاله وسياساته
عاشرا
منظومه الاقتصاد وتكون مسئوله عن خلق واقع اقتصادى يجعل البديل للنظام وسياساته وارادته هو الفقر والموت جوعا
حادى عشر
منظومه المؤسسات الدينيه وتكون مهمتها الترويج للنظام وسياساته وارادته باستغلال الباعث الدينى عند الشعب
هذه هى اركان النظام الذى تهدف اى ثورة لاسقاطه والقضاء عليه
يتبع لنلنقى نظرة عن قرب على ثورة 25 يناير فى مصر
جمال النجار