*صداقة حقيقية*
عندما كنا صغارا كان أساتذتنا أثناء شرحهم لنا في حصص التربية الدينية يحثوننا على التمسك بالأخلاق الحميدة و أن الإيمان ما وقر في القلب و صدقه العمل ، و أن الصديق الحق هو الذي ينصحك بالخير و إن أبكاك و الصديق السوء هو الذي يجرك للشر و يزينه لك حتى لا ترى مساوئه ، و كان المدرس منهم يضجر من الذي( يتنحى عن صفات الإيمان و يتمسك بمجرد لفظ مسلم و يحرص دائما على كتابته في بطاقته و هو لا يمت له بصلة لا من قريب و لا من بعيد) تذكرت ذلك فدمعت عيني و شعرت بالإختناق فلقد زاد الأمر سوءا لم يعد أحدا يحب حتى نفسه، صار الحمق صفة تكاد تكون سائدة في معظم البشر فالذي يحب نفسه حق الحب لا يقذف بها في المهالك و في غيابات الجب و لا يلقي بنفسه في النار أو في مستنقع الذنوب و لا يضع نفسه تحت طائلة الحساب و العقاب و العذاب ( فالكلمة تدخل الإنسان النار و قد تدخله الجنة)
-وهو يعلم- بل يحاول -ما إستطاع- إنقاذ نفسه من المهالك بأبسط الأشياء و لن يكلفه ذلك شيئا سوى ألاّ يتدخل في شئون غيره عنوة أي لا يفرض نفسه على الآخرين و لكن ليكن في خدمتهم إذا ما طلبوا منه ذلك دون تطفل منه و أيضا ألاّ يكون متبلد المشاعر و ألاّ يتقاعس عن مساعدة الغير كما يجب على كل منا ألاّ يخوض في أعراض الناس لأننا ليس لدينا وقت كافي لنتوب عن كل هذه الذنوب فالعمر قصير و لا ندري في أية لحظة سيحين الأجل و ماذا سنستفيد إذا إنجرفنا إلى هذه المساوئ التي لا تأتي سوى بالشرور؟! و الذين يفهمون معنى الصداقة فهما خاطئا لن تجدي معهم أية كلمات و لا نصائح فالصداقة من لفظتها صدق أي مواجهة بالعيوب قبل المزايا بالنصح و الإرشاد قبل المجاملات ، بالصراحة و ليس الغش ، فالذي يغش صديقه ليحافظ على صداقته له يكون كمن يقذف بصديقه في هوّة سحيقة ، مظلمة ، لا يريد عودته منها ، هو بذلك يكون كالدبة التي قتلت صاحبها لتهش عن وجهه الذبابة و الحل -برأيي- أن يصارح كل صديق صديقه بعيوبه بكل أدب و إخلاص و دون تجريح لينقذه من براثن الخديعة و ألاّ يمدحه المدح المميت الذي يسبب الغرور القاتل و أن يوجهه إلى الخير و ينتقد تصرفاته نقدا بناءا و أن يكون له عونا على طاعة الله و ليس على العصيان أن يكون له كالمرايا التي تظهر الحقائق بغرض تصليحها و التي نرى فيها وجوهنا دون قناع زائف
بقلم /أحلام شحاته