الرأسمالية والإمبريالية والثورات
بقلم / محمد عبدالرحمن شحاتة
دنيا الرأي
إن نظاماً يثور عليه شعبه سيسقط حتماً . إن كان ذلك آجلاً أم عاجلاً . لابد أن نتعامل مع هذه الأحداث في هذه الفترة على أنها سنة كونية . واقع لابد أن يقبله كل نظام فاسد يعبث بأمن ومستقبل أمته . إن حكم الشعب لنفسه سوف ينتقل من مجرد كلمات وهتافات إلى شيء ملموس يشعر به الجميع . مهما استأسد نظام الجرذان فسيحدث هذا حتماً . لست متفائلاً بلا سبب . ولكني أكتب عن واقع نراه بأعيننا . ثارت تونس الخضراء فسقط زين العابدين ونظامه . ومن ثم مصر فسقط مبارك ونظامه . والقذافي في ليبيا يلفظ آخر أنفاسه . وصالح في اليمن .
وسيسقط بشّار الأسد . الرئيس العاشر لسوريا . هو طبيب العيون الذي ترك مهنته ليتحول إلى حاكم لايختلف عن صورة الحكام العرب . حتى وصل إلى قصف المساجد السورية وإسقاط مآذنها. هو لايدرك أنه بهذا لا يهدم ديناً فقط . بل يهدم تراثا دمشقياً تأصل بالأخص في معمارية المساجد . وتختلف الجرائم والنتيجة واحدة . ولا تخرج النتيجة عن كونها تصرفات الخائف على كرسيه .
مذ ثارت تونس والمنطقة العربية مثل النار الموقدة . لأن الفساد بنزين والثورة نار . أنّى وُجِدَ اشتعلت نار الثورة . ولا تهدأ أبداً إلا بانتهاء عصره . ودولة تطلق للرأسمالية وللرأسماليين العنان دون مراقبة لابد وأن تعاني نتائج ذلك . ومعظم دولنا هكذا الآن . قلة تتحكم في كل شيء . رأسمالية مستوحشة . دائماً مايعجبني وصف الرأسمالية بأنها " ربع العالم لكل العالم " . إقتصادياً نجد أن الدافع الرئيسي إلى الغضب هو قلة دخل الفرد . مما يؤدي إلى تولد الاعتصامات والمظاهرات الفئوية ومنها إلى ثورة كبرى تكتسح البلاد . وهذا أمر طبيعي حينما يتحكم رجل الأعمال في السلع الاستهلاكية الضرورية برفع السعر فيعجز المواطن عن استقطاب أبسط مقاومات الحياة . فلماذا لايثور إذن ؟ . وتتعمق المشكلة عند اجتماع السلطة والمال في آن واحد . وهذا ماكان عليه العهد السابق . حين وجدنا الوزير رجل أعمال . وعضو مجلس الشعب رجل أعمال . بل أن رئيس الجمهورية أيضاً رجل أعمال يقود كل هذه الضفة .
الرأسمالية أضرت بالعالم مذ بدأت . حسب رؤية ماركس . فإن الرأسمالية هي ثمرة التطور الصناعي والنقلة النوعية في وسائل الإنتاج المختلفة في العصر الإقطاعي إلى الوسائل المتطورة في الثورة الصناعية والتي كانت ظهور الرأسمالية فيها كأحد التبعيات . ومن هنا بدأت الإمبريالية في التواجد . من خلال وجود شركات احتكارية تسعى للسيطرة على العالم عن طريق حملات عسكرية تهدف إلى احتلال أراضي الآخرين وتأمين أسواق لهذه الشركات .
يقول لينين . إن وجود الإمبريالية مترابط مع الرأسمالية . لأنها تسعى لإحكام سيطرة الدولة الواحدة على الوجود الخارجي سواء كان اقتصادياً أو سياسياً . هذا وإن دل فيدل على أن سياسة الاستعمار تتمثل في الإمبريالية بصورة مباشرة . وبصورة غير مباشرة في الرأسمالية . فإن كانت الإمبريالية تسعى لاحتكار الأسواق الخارجية عن طريق الحملات العسكرية والاستعمار . فالرأسمالية أيضاً هي استعمار الدولة اقتصادياً من قبل فئة برجوازية قليلة . ومن ثم السيطرة عليها سياسياً . لأن القوة في الأساس قوة اقتصادية . وكل مارأيناه من حروب تحت شعار نشر السلام والقضاء على أسلحة الدمار الشامل وملاحقة الإرهاب . ماهي إلا حروب واستعمار من أجل استغلال أسواق خارجية . ومن أجل الحصول على ثروات البلاد النامية . لكنها مغلفة بغلاف السياسة .
الأمر هنا يجعلنا نتسائل . ماذا فعلت البرجوازية الرأسمالية بالطبقة الوسطى ؟ . مذ أن ظهرت البرجوازية في القرنين السادس عشر والسابع عشر . والطبقة الوسطى تتلاشى تدريجياً . لأن البرجوازية هي الطبقة الحاكمة في النظام الرأسمالي . تسعى إلى إحكام سيطرتها للمحافظة على مكانتها . وتمتلك وسائل الإنتاج . إضافة إلى ذلك أراها عالة على المجتمع . لأنها طبقة غير منتجة وتعيش على فائض من العمال لمجرد امتلاكها لرأس المال . تزداد غنى برفع أسعار السلع للطبقة العاملة . وتزداد الطبقة العاملة فقراً بسبب قلة الأجور وغلاء الأسعار . وبين هاتين القوتين تتلاشى الطبقة الوسطى . فيصبح المجتمع شقين . شق يحكم ويسيطر ويمتلك . وشق يعمل ولايجد . فلماذا لاتقوم الثورات على هذه الانظمة التي أكلت حقوق الشعوب في بطونها ؟ . ومن هنا أقول . إذا سمح أي نظام باستئساد الرأسماليين البرجوازيين دون قيود . فلابد أن يدرك أنه سيسقط حتماً بسبب هؤلاء .
بقلم / محمد عبدالرحمن شحاتة