كلمات للشيخ علي الطنطاوي عن فلسطين
+ فلسطين
كتب الله لهذه الانتفاضة الاستمرار والقوة، لأنها قامت لله لا للدنيا.. وما كان لله فهو المتصل.
ليست قضية أهل فلسطين وحدهم، ولا قضية العرب، لماذا تسمونها عربية، وفي العرب من لا يرى فيها رأيكم... لما لا تجعلونها إسلامية، إن أيدي
المسلمين جميعاً تمتد إليكم لتكون معكم إن جعلتموها جهاداً في سبيل الله..
صغرت إسرائيل أكثر لما بدأت هذه (الانتفاضة) صبيان يقاتلون بالحجارة جيشاً يملك أعتى وأقسى ما أوحى به الشيطان إلى أوليائه من وسائل
القتل والتدمير والهلاك...
حسبوا الانتفاضة فورة حماسة تستمر ساعات ثم تخمد، فإذا بها تستمر الشهر والشهر الذي بعده، والشهور تتوالى، والانتفاضة لا تزداد إلا قوة.
كتب الله لهذه الانتفاضة الاستمرار والقوة، ذلك بأنها ليست حركة وطنية ولا قومية.. ولا قامت لمجرد استرداد الأرض بل لأنها جهاد.... جهاد لله.
إن هذه الانتفاضة جهاد بالمعنى الذي عرفه الإسلام، بذل الروح لله وحده، وابتغاء الجزاء منه وحده...جهاد من يظفر به يظفر بنيل الأماني وبلوغ
الغايات ومن يمت ينل ما هو أكبر من متع الدنيا كلها، رضا الله والجنة.
لقد علمونا في المدرسة أن كل أمر مخالف لطبيعة الأشياء التي طبعها الله عليها لا يمكن أن يدوم، فهل ترونه أمراً طبيعياً أن تعيش دولة صغيرة
قائمة على الباطل وعلى سرقة الأرض وطرد سكانها؟!
هؤلاء الذين لا يملكون إلا حجارة أرضهم وأيديهم التي تطلقها، لو كان عندهم مثل سلاح اليهود، أو كان عندهم نصفه، أو رُبْعه أو عُشْره هل كان
يبقى اليهود في فلسطين؟!
إنكم ترون أننا بحجارة أرضنا، وسواعد أبنائنا، نكاد نطرد الكلاب من بلادنا.
إن الذين دعوتموهم جنود الحجارة ما ضعفوا وما استكانوا، جادوا بأرواحهم (والجود بالروح أقصى غاية الجود)، ثبتوا هذه الأيام الطوال... ونحن
المسلمين الذين فرض الله علينا أخوتهم وأوجب علينا نصرتهم ألا نُلام؟
أسباب النصر رجال وسلاح، فما الذي ينقصنا منها؟ هل ينقصنا العَدد أم العُدد، أم العلم؟!
لقد غزا ديار الشام من هم أكثر من اليهود عَدداً وأقوى جنداً وعُدداً، وأقاموا فيها دولاً عاشت دهراً، ثم دالت هذه الدول وعاد إلى الأرض أصحابها.
إن أقوى أسلحة النصر الإيمان، إنه يكسب صاحبه النصر العاجل، الذي يثير القوة المدخرة، لذلك كانت العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
إن القدس بقيت قرابة قرن من الزمان بيد الصليبيين، فهل دام في القدس حكم الصليبيين؟
إن اللص الذي ينام ويده على السلاح لا يستطيع من الخوف أن يستسلم للمنام، فكيف يشعر اليهود بالأمن والاستقرار في فلسطين ونحن لهم بالمرصاد.
ما أوقح إسرائيل!...هل احترمت مقدسات أحد حتى تطالب بأن تحترم مقدساتها التي لا قداسة لها؟ أما أحرقت المسجد الأقصى؟ أما حاولت زعزعة أساسه، وهز أركانه لعله يسقط؟ أما حفروا بحذاء جداره.. ينزلون في بطن الأرض يأملون أن يصلوا إلى الأساس، فيظهر تحته أثر هيكل سليمان، وليس أمامهم إلا جدار الأقصى،