خمسه يونيو ( حزيران ) كلاكيت اخر مرة
( نشرت هذه الكلمات فى الخامس من يونيو 2005
وللاسف الشديد مازال الوضع كما هو
ومازال الخطر قائما
ومازلت استطيع ان اصرخ محذرا بكل مرارة خمسه يونيو كلاكيت اخر مرة )
لست متشائما بطبعي فقد قضيت حياتي كلها فى مجال لا مكان فيه للتفاؤل أو التشاؤم بل حسابات دقيقه على أسس منطقيه وقواعد علميه لا مكان فيها للمشاعر والعواطف
ومن هذا المنطلق سأحدثكم
الخامس من يونيو (حزيران) 1967
يوم من اشد الأيام سوادا فى تاريخ مصر الحديث
بل فى تاريخ الامه العربية كلها
حيث قامت إسرائيل بمهاجمه مصر وسوريا والأردن واحتلال أجزاء من أراضيها مازال بعضها محتلا إلى اليوم
وأصبح من الواضح جدا أن مصر والدول العربية قد فوجئت بالهجوم الاسرائيلى رغم توافر المعلومات عنه لدى القيادة المصرية قبل المعركة وهو ما أكده تحذير الرئيس جمال عبد الناصر لقادة الجيش المصري فى مؤتمر يوم 2يونيو 1967 والذي أكد لهم فيه قيام إسرائيل بمهاجمه مصر فى خلال ثلاثة أيام( بناءا على معلومات مخابراتيه نجحت المخابرات المصرية فى الحصول عليها ) وان الجيش الاسرائيلى سيبدأ هجومه بضربه للطيران المصري وتساءل سيادته عن امكانيه استيعاب الضربة الجوية الاسرائيليه مع الاستعداد لصد الهجوم البرى الاسرائيلى بعدها
ويحفظ لنا التاريخ رد المشير عبد الحكيم عامر القائد العام للجيش المصري على ذلك بقوله
برقبتى يا ريس !!!!!!
ورغم ذلك التحذير الشديد الوضوح فمن المؤكد أن مصر قد فوجئت بالهجوم الاسرائيلى ولم تتمكن من استيعابه ولم تتمكن من صد الهجوم البرى الذى أعقبه
وهزمت مصر ومعها كل الدول العربية التى تعرضت للهجوم الاسرائيلى
وسقطنا فى بئر الهزيمة المريرة وضاعت سيناء والقدس والجولان
ولكن
هل كان التحذير الذى أطلقه الرئيس عبد الناصر يوم 2يونيو 1967 هو الدلاله الوحيدة على حتمية قيام إسرائيل بمهاجمه مصر والدول العربيه ؟؟؟؟؟
اسمحوا لى أن أعود بكم إلى التاريخ
إلى صلاح الدين وهو يوحد مصر وسوريا والعراق قبل مهاجمه الصليبيين لتحرير بيت المقدس من الاحتلال الصليبي
والى محمد على باشا عندما قامت فى عهده نهضة أخرجت مصر من الظلام الذى سقطت فيه تحت الاحتلال العثمانى وكيف أقام فى مصر نهضة صناعية انطلق على أثرها الجيش المصرى ليحرر الجزيرة العربيه من الاحتلال التركى ويعيد ضمها إلى مصر
وفى خلال بضع سنين كان الجيش المصرى يحرر سوريا والعراق ثم ينطلق الجيش المصرى ليدك أركان الامبراطوريه العثمانية ويقترب إبراهيم باشا قائد الجيش المصرى بقواته من أبواب أوروبا
وتنتبه أوروبا للخطر القادم
وتتناسى الدول الاوروبيه كل خلافاتها وحروبها وتتحد جيوش ألمانيا وفرنسا وانجلترا وروسيا وتواجه الجيش المصرى
وتنجح الجيوش الاوروبيه المجتمعة فى هزيمة الجيش المصرى
وتفرض على والى مصر محمد على أن يعود إلى حدود مصر مقابل أن يظل حكم مصر فى أبناؤه بالوراثة
وتمر السنين
ويبزغ المشروع الصهيوني للوجود والذى كان هدفه إنشاء وطن قومى لليهود
وظهرت اقتراحات أن يكون ذلك الوطن فى أمريكا اللاتينية
ثم ظهر اقتراح جديد أن يكون فى قلب أفريقيا فى أوغندا
ولكن
اتفقت مصالح اليهود مع مصالح الغرب أن يكون ذلك الوطن فى فلسطين قلب الوطن العربى
بما يضمن تقسيم ذلك الوطن إلى مشرق ومغرب حتى لا يتمكن اى حاكم عربي من اعاده ذكرى صلاح الدين أو محمد على
فقد تعلمت أوروبا الدرس
ومن البداية أعلن رعاه المشروع الصهيوني أن هدفهم الحقيقي هو
أقامه إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات
وهو ما يعنى
احتلال كل فلسطين وكل الأردن وكل سوريا وكل لبنان وكل الكويت وقطر والبحرين والأمارات وجزء من السعودية يحوى المدينه المنورة بدعوى ان لهم بها ميراث وجزء من العراق حتى نهر الفرات
وجزء من مصر يحوى كل سيناء ارض التيه والتى نزلت بها التوراه وكل محافظات القناه ومحافظه الشرقيه التى يدعون ان اجدادهم عاشوا بها فى مصر قديما حتى الفرع الشرقى من النيل
وجاء العلم الاسرائيلى بخطيه الذين يرمزان الى النيل والفرات كاوضح رمز لهذه الخطه الصهيونيه
ورغم شدة وضوح الخطه الصهيونيه التى جاء العلم الاسرائيلى ليصرخ بوضوحها
ورغم شدة وضوح التصور الغربى بحتميه تقسيم الوطن العربى
لضمان عدم تكرار ذكرى صلاح الدين ومحمد على
رغم كل ذلك
فمن الواضح ان القيادات العسكريه العربيه بل والشعوب العربيه نفسها كلها قد فوجئت بالهجوم الاسرائيلى فى الخامس من يونيو حزيران 1967 بعدما تصورت ان اسرائيل غير جاده فيما تعلنه وانها لا تعنى ما يرمز اليه علمها وان الغرب غير جاد فى تصوره بحتميه تقسيم الوطن العربى
ودفعت الامه العربيه كلها ثمن ذلك التصور الخاطىء
ضاعت سيناء من مصر وضاعت الجولان من سوريا وضاعت الضفه الغربيه لنهر الاردن بما فيها القدس الشريف ومات عشرات الالاف من الشباب العربى بدون اى معنى
دفعت الامه العربيه كلها ثمن غفلتها وتغافلها
ولكن هل تعلمنا الدرس ؟؟؟؟!!!!!
الان اسمحوا لى ان اعود الى الستينيات من القرن الماضى وتحديدا الى اعوام 1960 _ 1965
الخطه المصريه للنهوض بمصر وكان قد تم التخطيط على النهوض بمصر من خلال خطط تستغرق كل منها خمسه اعوام يحدد لها هدف يجرى تنفيذه
وفى خلال هذه الخطه (1960_ 1965 )
تم بناء السد العالى ومجمع الحديد والصلب ومجمع الالمونيوم وات انشاء العديد من المدارس والمعاهد العليا وتم انشاء العديد من المصانع الحربيه لانتاج الصواريخ والطائرات بمعاونه الاتحاد السوفيتى وتم الاستعانه بالعديد من العلماء الالمان الذين فروا الى مختلف دول العالم بعد انهيار الرايخ الالمانى عقب الحرب العالميه الثانيه
وكانت تلك الخطه الخمسيه من انجح الخطط فى تاريخ مصر
وتذكر الغرب قصه محمد على وعادت الى الاذهان ذكرى صلاح الدين خاصه وقادة مصر الثورة قد تبنوا فكرة القوميه العربيه وحلم الوحدة العربيه
وشنوا حربا شعواء على فكرة الاحلاف العسكريه مع الغرب بقيادة امريكا واعلنوا عداءهم السافر لاسرائيل واعلنوا عن عزمهم على العمل على تحرير فلسطين
وكانت معاونه الاتحاد السوفيتى لمصر وقيادتها لمحاربه انتشار النفوذ الامريكى فى العالم العربى وعلى امل ان تكون تلك المعاونه حافزا لنشر الفكر الشيوعى فى العالم العربى
ولكن رفض الشعوب العربيه والقيادات العربيه للفكر الشيوعى ومحاربتها له جعل القيادة الروسيه تدرك ان نجاح مصر فى نهضتها يعنى القضاء على اى امل فى نشر الفكر الشيوعى
وهكذا
اتفقت مصالح الغرب بقيادة امريكا الساعى الى تقسيم العالم العربى والراغب فى الاستيلاء على الثروات العربيه والراغب فى تدمير النهضه المصريه قبل ان تكتمل كل عناصرها
مع مصالح اسرائيل التى ترغب فى القضاء على النهضه المصريه قبل ان تتحول الى خطر حقيقى عليها والراغبه ايضا فى احتلال جزء جديد من الارضى العربيه كخطوة جديدة فى طريق انشاء اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات
مع مصالح الاتحاد السوفيتى فى اضعاف مصر حتى تظل خاضعه لنفوذه تحت ضغط الحاجه
وهكذا اتفقت كل الاطراف على حتميه ضرب مصر والامه العربيه
ورغم وضوح كل ذلك امام كل القيادات العربيه
الا انها اعلنت انها فوجئت بالحرب !!!!!!!!
وهكذا بدات حرب يونيو 1967 وانتهت
وكانت الهزيمه البشعه هى ما حصده العرب نتيجه تغافلهم
وقرر الرئيس المصرى عبد الناصر التنحى عن كل مناصبه واعلن انه يتحمل المسئوليه كامله عن كل ما حدث
وجلس موشى ديان وزير دفاع اسرائيل وبطلها القومى فى حديقه منزله بتل ابيب ليعلن على العالم كله رقم تليفون منزله وانه ينتظر مكالمه الاستسلام من القاهرة
ولكن ايزيس كان لها رأى آخر
جاء رد القاهرة سريعا
خرجت جماهير الشعب المصرى كله عن بكره ابيها وهى تصرخ بكلمه واحده
حنحارب ..حنحارب ..حنحارب
نعم رفضت جماهير الشعب المصرى كله استقاله عبد الناصر وامرته ان يظل على راس القافله حتى الثأر
وانصاع عبد الناصر وخضع لاراده الشعب المصرى
حنحارب ..حنحارب ..حنحارب
انها صرخه مخاض لشعب عظيم رفض الاستسلام رغم مرارة الهزيمه العسكريه
وفى اكتوبر 1973
وبعد سته اعوام فقط من الهزيمه
ولد النصر الذى كانت لحظه مخاضه فى التاسع والعاشر من يونيو 1967
اساتذتى الافاضل
بعد نصر أكتوبر 1973 أمر الرئيس المصري أنور السادات نائبه حسنى مبارك أن يرأس لجنه خاصة لاعاده سؤال قاده حرب يونيو 1967 لمعرفه أسباب الهزيمة وتسجيلها للتاريخ حتى لا تتكرر ثانيه
انتبهوا جيدا
حسنى مبارك نائب الرئيس المصرى أنور السادات رأس لجنه لدراسة وتسجيل أسباب هزيمة يونيو 1967 حتى لا تتكرر
وقام الأستاذ سليمان مظهر بنشر نتائج تحقيقات تلك اللجنة فى كتابه الرائع اعترافات قادة حرب يونيو الصادر عن دار الزهراء للإعلام والنشر
وكانت أهم الأسباب التى أدت إلى الهزيمة كما توصلت إليها تلك اللجنة هى
1_ طول فترة بقاء المشير عبد الحكيم عامر فى منصبه كقائد عام للقوات المسلحة المصرية (حوالى 15 عام )مما أدى إلى انتشار الشللية فى القوات المسلحه وأصبح تولى المناصب والاستمرار بها مرهون بالولاء وليس بالكفاءة بعدما أصبح الولاء للقائد أهم من الولاء للوطن
2_ انشغال القوات المسلحه المصرية فى نواحى الحياة المدنية مثل إنشاء الكباري وشق الطرق بعيدا عن التدريب القتالى الذى هو مهمتها الاساسيه
3_ المظهرية فى التدريب والمظهرية فى الاستعداد للمعركة
اساتذتى الافاضل
كما رأينا
كانت هناك حتمية لضرب مصر والامه العربيه قبل لن تكتمل أركان النهضة المصرية وقبل أن يصبح حلم الوحدة العربيه حقيقة
ولكن
لم تكن هناك حتمية للهزيمة فكلها خطط بشر يمكن تحديها
ولكن
الأخطاء المصرية جعلت الهزيمة شىء حتمى وضاعفت من أثارها
ولكن
بعد ستة أعوام فقط ذهل العالم كله وهو يرى انتفاضه العنقاء المصرية من وسط الرماد
ذهل العالم وهو يرى جيش مصر ينتفض ويعبر ويحارب وينتصر
وتحركت مراكز الأبحاث فى العالم كله لتحاول معرفه ما حدث وكيف استطاع الجيش المصرى الذى هزم أن يقف وينتصر فى خلال ستة أعوام فقط وهى فترة غير كافيه باى منطق لاعاده إنشاء جيش جديد
فالجيش المصرى الذى عبر رجاله فى أكتوبر 1973 هو نفسه الجيش الذى هزم فى يونيو 1967
هم نفس الضباط
وكثيرون منهم خاضوا حرب أكتوبر فى نفس مناصبهم
وهم نفس القادة الذين هزموا فى يونيو
بل وهم نفس الجنود فلم تقم مصر بتسريح جنود يونيو بل أضافت إليهم العديد من أبنائها وكان من يدخل الجيش فى ذلك التوقيت يظل به حتى الحرب التى لم يكن احد يعرف متى ستكون
واكتشف الغرب بمراكز أبحاثه تلك الحقيقة التى كانت مصر تعيشها والتى كانت السبب فى نجاح المصريين فى تحقيق ذلك النصر العبقري بعد هذه الفترة الصغيرة فى عمر الشعوب
انه الإحساس بالانتماء للوطن والولاء له
كان كل أبناء مصر يحملون بداخلهم إحساس قوى جدا بالانتماء لمصر حيث كان المد الوطني فى هذه الفترة فى أعلى مراحله
كان يتملك المصريين شعور جارف بالعشق لمصر والفخر بالانتماء إليها رغم الهزيمة
فمعدلات البطالة فى أدنى معدلاتها بل يكاد لا يوجد مصري بلا عمل فالحكومة مسئوله عن تعيين جميع الخريجين
وازمه الإسكان تكاد لا تشعر بها فالحكومة تقوم ببناء المساكن للمحتاجين من أبناء الشعب ومازالت تلك المساكن الشعبية تنتشر فى ربوع مصر تشهد بمعنى إحساس الحكومة بالمسئولية عن الشعب
والمصريين جميعا متقاربون فى المستوى المادى يكاد لا يشعر أيا منهم بالفقر عن الآخرين
ويسود الشعب المصرى كله نوع من الوله بحب مصر رغم الأزمات الخانقة ورغم الهزيمة المريرة
ولكن الجميع كان يعانى بوصفهم جميعا مصريين
وكان التحفز لمقاومه العدو الواضح بإحساس كبير بالعداء له يملا وجدان كل المصريين
اساتذتى الافاضل
رجال اقوات المسلحه المصريه جزء من نسيج الشعب المصرى يشعرون بما يشعر به ويتأثرون بما يتأثر به باقى أفراد الشعب فهم منهم
كانوا رجالا اخطاوا فى التدريب والاستعداد
ولكن قلوبهم كانت تفيض حبا وعشقا لمصر التى يفخرون جميعا بالانتماء إليها ورغبه عارمة فى الثأر تملا جوانحهم
لهذا وفى ستة أعوام فقط استطاعوا أن ينهضوا ويعبروا وينتصروا
وأدرك الغرب بقيادة أمريكا
وأدركت إسرائيل
أن اى هزيمة عسكريه مهما كان حجمها غير كافيه لهزيمة مصر وضمان امن إسرائيل
فستظل مصر دائما قادرة على أن تنهض وتحارب وتنتصر
وأدركوا أنهم ليهزموا مصر ويضمنوا امن إسرائيل فيجب عليهم يقتلوا روح مصر بقتل الإحساس بالانتماء إليها فى قلوب أبنائها
والآن
اسمحوا لى أن أعود بكم إلى يونيو (حزيران ) 2005
1- مازال الهدف الصهيوني كما هو اقامه إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات ومازال العلم الاسرائيلى يحمل الخطين الأزرقان اللذان يرمزان الى النيل والفرات
2- وصلت إسرائيل على أكتاف العملاق الامريكى الى الفرات وتجرى الاستعدادات لضرب سوريا ولبنان
3- اليمين الامريكى الذى يسيطر على الحكم فى أمريكا يؤمن بحتميه إنشاء إسرائيل الكبرى حتى ينزل المسيح ثانيه ويحكم العالم
4- المشير حسين طنطاوى القائد العام للجيش المصرى يتولى منصبه منذ حوالى سبعه عشر عام
5- وسائل الإعلام المصريه تعلن عن قيام القوات المسلحه المصريه بزراعه عشرة آلاف فدان فى منطقه توشكى كما تعلن عن قيام القوات المسلحه المصريه بشق وتنفيذ طريق السويس القطاميه وهى كلها جهود تشكر عليها
اساتذتى الافاضل
مما سبق اسمحوا لى أن أقول
5 يونيو ( حزيران ) كلاكيت تانى مرة
اساتذتى الافاضل
كما قلت
كان رجال يونيو 1967 يتمتعون بإحساس قوى جدا بالانتماء لمصر والفخر بأنهم مصريين يمتلكون هذا الوطن مع تحفز كامل لمواجه العدو الامريكى الاسرائيلى الواضح وصرخة عبد الناصر شعار يملا أرواحهم قبل عقولهم وقلوبهم
ما اخذ بالقوة لن يسترد بغير القوة
لا صوت يعلو على صوت المعركة
يد تعلم ويد تحمل السلاح
بهذا كانت مصر يونيو 67 تؤمن
وبهذا كانت تعمل حتى استطاعت أن تنهض بعد ستة أعوام فقط ولد نصر أكتوبر
إنها أجيال نشأت على كلمات يوسف إدريس ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف السباعي وغيرهم من عمالقة الأدب والفكر
أجيال تربى وجدانها على عبد الوهاب يصرخ
اخى جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدى
اخى إن فى القدس أختا لنا اعد لها الظالمون المدى
فجرد حسامك من غمده فليس له بعد ان يغمد
أجيال سمعت أم كلثوم تشدو بشموخ وكبرياء
وقف الخلق ينظرون جميعا كيف ابنى قواعد المجد وحدى
وبناة الأهرام فى سالف الدهر كفونى الكلام عند التحدى
أنا تاج العلاء فى مفرق الشرق ودراته فرائد عقدى
أجيال غنت مع عبد الحيلم حافظ
سكت الكلام والبندقية أتكلمت
والنار وطلقات البارود شدت
على أيدين الجنود واتبسمت
وكيف لا تبتسم طلقات البارود وهى فى يد فدائى يصرخ
بصوت عبد الحليم
وان مت يا امى ما تبكيش
راح أموت علشان بلدى تعيش
وان طالت يا أمه السنين
خلى اخواتى الصغيرين
يكونوا زى فدائيين
بهذه الروح وهذا الانتماء الذى كرسه الفن فى الأرواح والقلوب استطاعت مصر أن تنهض بعد ستة أعوام فقط من الهزيمة وتنتصر
ولكن
ترى ما هو حال مصر اليوم 5 يونيو 2005 ؟؟؟؟؟
أمريكا
رغم إعلانها على لسان كل رؤسائها أنها تضمن تفوق إسرائيل عسكريا على كل العرب
ورغم إيمان الرئيس الامريكى بوش وزمرته بحتميه قيام إسرائيل الكبرى حتى ينزل المسيح ثانيه
وبرغم تدمير أمريكا للعراق واحتلالها له
وبرغم المذابح الامريكيه فى حق أهل العراق
وبرغم اجبراها للحكومة السودانية على قبول اتفاق يقضى بتمزيق السودان فوصل جنوبه عن شماله بعد ستة أعوام
وبرغم تجهيزاتها لضرب سوريا
برغم كل ذلك
تحولت أمريكا إلى الحليف والصديق الامريكى لكل الانظمه العربيه وعلى رأسها النظام المصري ؟؟؟؟؟
إسرائيل
برغم أن العلم الاسرائيلى مازال يحتوى خطان أزرقان يرمزان للنيل والفرات
وبرغم التهديدات الاسرائيليه المتكررة بضرب مصر والسد العالي
وبرغم قيام الجيش الاسرائيلى بخرق اتفاقيه كامب ديفيد بقيام دباباته بالاقتراب من الحدود المصريه لمسافة عشرون متر مخالفه للاتفاقية التى تحتم ابتعاد تلك الدبابات عن خط الحدود لمسافة أربعه كيلو مترات
وبرغم خرق ذلك الجيش للاتفاقية بقيام تلك الدبابات بإطلاق النار على الجنود المصريين داخل الاراضى المصريه مما أدى إلى مقتل ثلاثة منهم
وبرغم المذابح الاسرائيليه فى حق أهلنا فى فلسطين وتحرشهم بالمصلين فى المسجد الأقصى
برغم كل ذلك
إسرائيل هى الصديق الاسرائيلى الذى يتسارع العرب جميعا لكسب وده والذى تموله مصر بالغاز الطبيعي وتوقع معه اتفاقيه الشراكة الاقتصادية ؟؟؟؟؟
مصر
وسط ازمه بطالة خانقه تقتل الأمل فى نفوس أبناء مصر وتقضى على انتمائهم وولائهم للوطن
ووسط ازمه عنوسه تهدد بتدمير المجتمع المصرى كله
ووسط أزمات ماديه طاحنه تخنق كل الأسر المصرية
ووسط ازمه فساد ونهب للأموال العامة فى مصر
ووسط انقسام المجتمع المصرى الى طبقتين
طبقه غنية تملك كل شىء وتتعمد التباهي بغناها وثرائها
وغالبيه شعبيه لا تملك اى شىء وتخنقها الأزمات الطاحنه والإحساس الكبير بالفقر أمام تباهى الطبقة الغنية بثرائها
بينما الفن المصرى أصبح يعبر عن مجتمع أخر لا يعرفه المصريين
حيث يصرخ على لسان ماريا العب يا واد
بينما وقف شعبان عبد الرحيم وحده صوتا للفن المصرى فى المعركة بعد أن قدمه الإعلام المصرى فى صوره المسخ البشرى المشوه حيث استضافه احد المذيعين فى برنامجه ليسأله عن المبرر لارتداؤه أربع ساعات يد وكانت إجابته واحده علشان لما عيل صغير يسالنى الساعة كام
وواحدة علشان لكما ست تسالنى الساعة كام
وواحدة علشان لما راجل يسالنى الساعة كام
وواحدة لى أنا أشوف فيها الساعة كام
وقد كان يتحدث بجديه وهو يرتدى كم كبير من الحلى الذهبية ويعلن سعيدا انه يرتدى البدله لون الانتريه بينما كان يرتدى حذاء كل فرده لون ؟؟؟؟؟
هذا هو صوت الفن المصرى فى المواجهة
بينما تفرغ محمد منير ليغنى سو يا سو حبيبى عايز سكر ؟؟؟
ويطير هشام عباس ليغنى مع حسناء الهند أمام تاج محل ؟؟؟
بينما يفضل عمرة دياب حسناوات أسبانيا ؟؟؟
وتتفرغ روبى لخلع ما نسيت من ملابسها ؟؟؟؟؟
وسط كل ذلك
ونتيجة كل ذلك
فقد الكثيرين من المصريين إحساسهم بالانتماء لمصر وأصبحوا يشعرون بالغربة فى مصر
وأصبحت الهجرة من مصر حلم الكثيرين من أبناء مصر
لهذا
اسمحوا لى أن أقول
5 يونيو ( حزيران ) كلاكيت آخر مرة
ألا هل أبلغت
اللهم فاشهد
جمال النجار