جماعات وفِرَق فرَّقتنا

رب العزة يقول فى كتابه العزيز بسورة الأنعام الآية رقم 159:

( إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعاً لسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْء )
صدق الله العظيم

تلك الآيات هى مدخلى فى الحديث عن الفرَّق التى فرَّقت الأمَّة
وهذه الفرق أصبح لها مسمَّى جديد وهو ( الجماعات الدينية )
والجماعات ياأحبابى والفرق ليست جديدة علينا .. والتاريخ
الإسلامى حدَّثنا عن جماعات كثيرة .. والذى دعانى للحديث
عن تلك الفرق والجماعات هو مانراه ونسمعه حالياً من جماعات
متستِّرة بإسم الدين ... ولو كانت تعى وتفهم المعنى الحقيقى
للدين الإسلامى لما إقتتلت مع بعضها البعض كما نشاهد حولنا

إذن هى دعوة منى للحديث عن الجماعات الدينية
أو الفرق الدينية التى أرى أنها فرَّقت الأمة
وسوف أتناول بعضاً منها ونقف معاً على نشأتها
وأفكارها وكيف إنتهت وزالت

للحديث بقيَّة إن كان فى العُمر بقيَّة
لنتناول بعضاً من الفرق التى فرَّقتنا
( حمدى شبانة )

وما الحكم إلاَّ لله
ــــــــــــــــــــــــــ
نعم وما الحكم إلاَّ لله ... ومن يعترض على هذا
ولكن هل كان يراد بهذه الجملة خيراً ؟
هكذا قال الخوارج : وما الحُكم إلاَّ لله .. قالوها
وهم يرفعون المصاحف على أسنَّة الرماح ..

نعود بالزمن للوراء لعصر الخليفة الراشد
عثمان بن عفان رضى الله عنه .. والذى تولى
شئون الدولة الإسلامية بعد خلاف بين المسلمين
فبعد وفاة الخليفة عمر بن الخطاب تفرقت الأُمَّة
مابين قائل : الخلافة تكون لعلى بن أبى طالب
وقائل : بل الخلافة أحق بها عثمان بن عفان
وتغلب الرأى الأخير .. ولكن خرجت طائفة رأت
أن علياً أحق بالخلافة ورفضوا البيعة لعثمان
وبعد وفاة عثمان تنازع معاوية بن أبى سفيان
وعلى بن أبى طالب الخلافة ... فكانت معركة
صفّين بين جيش مؤيد لعلىْ وآخر مؤيد لمعاوية
وأدرك عمرو بن العاص ( وكان مؤيداً لمعاوية)
أن الهزيمة لاحقة بجيش معاوية فأمر الجنود
برفع المصاحف على أسنة الرماح
وطلبوا التحكيم لكتاب الله .. وقالوا :
إنمَّا الحكم لله وأدرك سيدنا على الخدعة
وقال عبارته الشهيرة :
كلمة حق يراد بها باطل
وخرج من جيش على نحو إثنى عشر رجلاً
يرفضون هذا الأمر وقالوا أن الله قد حكم
بقتال هؤلاء المفسدين ... وبالفعل حدثت الفتنة
والمؤامرة فى واقعة التحكيم وخديعة عمرو
بن العاص لأبى موسى الأشعرى التى أوصلت
معاوية أن يتولى خلافة الأمة الإسلامية
هنا خرج الإثنى عشر مقاتلاً وطالبوا علياً برفض
التحكيم .. بل طالبوه بقتال معاوية مرة أخرى
ولكن على رفض رأيهم فإنشقُّوا عليه .. أو
بعبارة أدقْ ( خرجوا ) عليه .. وإختاروا لهم
أميراً هو عبدالله بن وهب .. ولنا أن نعلم
أن لقب الخوارج أطلقه عليه خصومهم .. أمَّا
هم فكان لهم عدة أسماء مثل ( المُحكِّمة ) لأنهم
رفضوا التحكيم بن معاوية وعلى .. ومنها الشراة
لأنهم أشتروا آخرتهم بدنياهم .. كما أطلقوا
على أنفسهم لقب جماعة المؤمنين .. وأصبح لهم
فكراً ورأياً فى أمور الدنيا والدين وقاموا بالعديد
من الثورات ضد جيش على وجيش معاوية
وخرجوا من هذه الثورات والحروب بحدوث
إنقسام فيما بينهم وتفرعت الخوارج لفرق
أخرى مثل الأزارفة والنجدات والصفرية ...
بدأت حديثى الليلة عن الخوارج لأنهم أول الجماعات
وأول الفرق التى خرجت من بين المسلمين
لا لتحارب الروم أو الفُرس ..
لكن خرجت من المسلمين لتحارب
المختلفين معهم فى الرأى من المسلمين

إنتظرونى فى ليلة أخرى
وحديث عن جماعة أو فرقة
شكراً لكل من يتابعنى
( حمدى شبانة )

البابكيَّة
ـــــــــــــــ
نتواصل أحبابى مع الجماعات والفرق التى فرَّقت
الأمة الإسلامية وأقول أنه بعد زوال الدولة الأموية
ومجيئ الدولة العباسية حدثت تغيُّرات كثيرة
فأعداء الأمس أصبحوا أصدقاء اليوم ...
أعداء الدولة الأموية أصبحوا رفقاء الدولة
العباسية وأصبح الأمويين فى خندق الأعداء
وبدأت الدولة العباسية قوية ولكن سرعان
مادب الضعف والوهن فيها أو بمعنى أدق
فى حكامها .. فبعد هارون الرشيد وهو خليفة
قوى أتى بعده الأمين ليكون الخليفة .. والأمين
ياأحبابى هو إبن هارون الرشيد .. إذن الخلافة
أصبحت وراثة ولكى تصبح خليفة فلابد أن
يموت الخليفة الحالى فكان النزاع بين الأمين
وأخوه المأمون وقُتِل الأمين على يد جنود أخوه
المأمون .. لم تعد الآخرة هى الهدف بل الدنيا
.. لم يصبح الخليفة رجل دين بل رجل دنيا
ومجون وسهر وشعراء ووزراء وقصر
وإذا لم تظهر الفرق المتستِّرة فى الدين خلال
هذا الضعف .. فمتى ستظهر وتزدهر ؟

فى هذا المناخ خرجت فرقة ( البابكية ) نسبة
لبابك الخرمى من أذربيجان وكان أتباعه
يؤمنون بتناسخ الأرواح وتجسد الذات الإلهيَّة
وإنتشر أتباع بابك وإتسع سلطانه حتى كاد
أن يعزل بلاد فارس عن الدولة الإسلامية
وإستمرت هذه الجماعة قوية لمدة عشرين
سنة من سنة 201 هـ لسنة 221 هـ ولم
يستطع الخليفة المأمون أن يقضى عليهـا
فاستمرَّت بعده فى خلافة المعتصم بالله
( أخو المأمون ) ... وهنا أتوقف لأقول أن
المعتصم لم يحارب الروم وينتصر عليهم
فى الموقعة الكبرى ( عمورية ) إلاَّ بعد أن
قضى على أتباع بابك ( البابكية ) تلك الفرقة
التى فرَّقت الأمة الإسلامية فى عصر العباسيين

ومازال لنا حكايات أخرى وفرق أخرى
شكراً لمن يتابعنى

مجهود طيب موفق
جزاك الله خيرا وبارك فيك
مؤرخنا الموقر
ودمت بكل خير

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الحي بدر

مجهود طيب موفق
جزاك الله خيرا وبارك فيك
مؤرخنا الموقر
ودمت بكل خير

كل التحية على مشاركتك بالرد ياأستاذنا
والحقيقة أننى تعجبت جداً بسبب عدم
الإهتمام بالردود فى مثل هذه المواضيع الجادة
وأظن أن رد حضرتك ياأستاذ عبد الحى بدر
سيجعلنى أستكمل هذا الموضوع
لأننى كُنت قررت بينى وبين نفسى
أن أتوقف عن هذا الحد

أكرر الشكر والتحية لبدر المنتدى
الأستاذ عبدالحى بدر

كنا سنكون نحن الخاسرين بتوقف حضرتك عن إثرائنا بهذه المعلومات القيمة
الحمد لله الذي جعلني أدخل وأرد
وبسبب العنوان الذي لفت نظري فدخلت
وأعجبت بالسرد الجميل الموثق
استكملْ أخي على بركة الله
والله معك
ودمت بكل خير

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الحي بدر

كنا سنكون نحن الخاسرين بتوقف حضرتك عن إثرائنا بهذه المعلومات القيمة
الحمد لله الذي جعلني أدخل وأرد
وبسبب العنوان الذي لفت نظري فدخلت
وأعجبت بالسرد الجميل الموثق
استكملْ أخي على بركة الله
والله معك
ودمت بكل خير

أخى الأكبر وأستاذى
عبدالحى بدر

ياالله ... هنا من يُتابعنى ؟
هكذا هتفت بعد ردّك ياسيدى
لأن كلماتك أعادت الحياه للموضوع

وأظن أن حضرتك يمكنك أن تعاوننى ـ إن أردت ـ فى
كتابة مثل هذه المواضيع الشهيدة ( بالدال )
فخلفيتك الثقافية التى أعلم بعضها
ومعلوماتك التاريخية واللغوية تتيح لحضرتك هذا

يتبقى أن أقول شكراً ياأستاذى
لأنك بالفعل أعدت الحياه لموضوعى هذا

أسعد الله أيامك

وأسعد الله قلبك
أخي المفضال الموقر
الذي أكن له كامل الاحترام من يوم عرفته وسأظل
وأتمنى رؤياه قريبا بإذن الله
وسوف أعمل قريبا للمشاركة معك بالموضوع وهذا شرف لي
ودمت بكل خير

الحشاشين
ـــــــــــــــــــــــــــ

الليلة حديثى معكم سيكون عن أخطر الجماعات والفرق
التى ظهرت على مدى عصور الدولة الإسلامية

هذه الفرقة كتب عنها المستشرق برنارد لويس كتاب
بأكمله تناول فيه نشأتها وعقيدتها وبدايتها ونهايتها
هذا الكتاب عنوانه ( الحشاشين ) وهو إسم هذه الجماعة

والحشاشين ياأحبابى فرقة أسسها حسن بن الصباح والذى
نشأ على المذهب الإسماعيلى وهو أحد فروع الشيعة
وإتخذ ومعه أصحاب هذا المذهب حصناً لهم بقلعة ألموت
وهى قلعة فى بلاد فارس وكان يصدر الأوامر لأتباعه
بقتل العرب وأمرائهم المسلمين وكان الفرد منهم يقتل
نفسه عندما يريد أن يتباهى بشجاعته وبلغ سطوة الصباح
وتأثيره على أتباعه أنه كان يأمرهم بالقفز
من على أسوار القلعة وهنا أجد تشابه ياأحبابى
بين التكفيريين حالياً والحشاشين سابقاً فكلاهما
يعتقد أنه يموت من أجل الجنَّة وفى سبيل الله ..

وبدأ الحشاشين الإغتيالات وأول ضحاياهم كان الوزير
نظام الملك فقتله رجل من الحشاشين بأن طعنه بآله حاده
فى جنبه بينما كان محمولا على هودج من ساحة
المدينة إلى خيام حريمه وقال الحشاش الذى قتله :
( إن قتل هذا الشيطان هو أول البركة )
أما الضحية الثانية هو إغتيال الوزير المهيب
قائد جيوش الأفضل .. وقد لقى مصرعة على يد ثلاثة
من الحشاشين فى حلب وكان للحشاشين هدف رئيسى
هو إغتيال الأمراء والحكام المسلمين والوزراء لإنشاء دولتهم
ثم إغتالوا أمير حلب – ثم إغتالوا " مودود " حاكم الموصل
ثم إغتالوا براق بن جندل أحد الأمراء المحليين
فى نواحى بانياس .. وفى مصر إغتالوا الأفضل قائد
الجيوش وقد نجا صلاح الدين الأيوبى مرتين عندما
حاول الحشاشين إغتياله فأعد حملة على مناطقهم
الجبلية وحاصرهم زمناً ثم إنسحب بعد أن شاهد
إنتحارهم فى القتال وبمرور الأيام ضعفت دعوة
الحشاشين فكان من السهل على الملك الظاهر بيبرس
القضاء عليهم وعلى دولتهم

إنتهت جماعة الحشاشين وإنتهت فكرتهم عندما أصبحت
الدولة قوية .. فمثل الحشاشين لايظهرون ولا تقوى شوكتهم
سوى فى عصور الضعف والوهن والتفكُك

شكراً لمن يتابعنى
أسعد الله أيامكم

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حمدى شبانة

الحشاشين
ـــــــــــــــــــــــــــ

الليلة حديثى معكم سيكون عن أخطر الجماعات والفرق
التى ظهرت على مدى عصور الدولة الإسلامية

هذه الفرقة كتب عنها المستشرق برنارد لويس كتاب
بأكمله تناول فيه نشأتها وعقيدتها وبدايتها ونهايتها
هذا الكتاب عنوانه ( الحشاشين ) وهو إسم هذه الجماعة

والحشاشين ياأحبابى فرقة أسسها حسن بن الصباح والذى
نشأ على المذهب الإسماعيلى وهو أحد فروع الشيعة
وإتخذ ومعه أصحاب هذا المذهب حصناً لهم بقلعة ألموت
وهى قلعة فى بلاد فارس وكان يصدر الأوامر لأتباعه
بقتل العرب وأمرائهم المسلمين وكان الفرد منهم يقتل
نفسه عندما يريد أن يتباهى بشجاعته وبلغ سطوة الصباح
وتأثيره على أتباعه أنه كان يأمرهم بالقفز
من على أسوار القلعة وهنا أجد تشابه ياأحبابى
بين التكفيريين حالياً والحشاشين سابقاً فكلاهما
يعتقد أنه يموت من أجل الجنَّة وفى سبيل الله ..

وبدأ الحشاشين الإغتيالات وأول ضحاياهم كان الوزير
نظام الملك فقتله رجل من الحشاشين بأن طعنه بآله حاده
فى جنبه بينما كان محمولا على هودج من ساحة
المدينة إلى خيام حريمه وقال الحشاش الذى قتله :
( إن قتل هذا الشيطان هو أول البركة )
أما الضحية الثانية هو إغتيال الوزير المهيب
قائد جيوش الأفضل .. وقد لقى مصرعة على يد ثلاثة
من الحشاشين فى حلب وكان للحشاشين هدف رئيسى
هو إغتيال الأمراء والحكام المسلمين والوزراء لإنشاء دولتهم
ثم إغتالوا أمير حلب – ثم إغتالوا " مودود " حاكم الموصل
ثم إغتالوا براق بن جندل أحد الأمراء المحليين
فى نواحى بانياس .. وفى مصر إغتالوا الأفضل قائد
الجيوش وقد نجا صلاح الدين الأيوبى مرتين عندما
حاول الحشاشين إغتياله فأعد حملة على مناطقهم
الجبلية وحاصرهم زمناً ثم إنسحب بعد أن شاهد
إنتحارهم فى القتال وبمرور الأيام ضعفت دعوة
الحشاشين فكان من السهل على الملك الظاهر بيبرس
القضاء عليهم وعلى دولتهم

إنتهت جماعة الحشاشين وإنتهت فكرتهم عندما أصبحت
الدولة قوية .. فمثل الحشاشين لايظهرون ولا تقوى شوكتهم
سوى فى عصور الضعف والوهن والتفكُك

شكراً لمن يتابعنى
أسعد الله أيامكم

الخوارج ثم البابكية ثم الحشاشون ثم ...
ولا شك في أن للحديث بقية كم أتحرق شوقًا للإلمام بها
ولاستقراء كل ما حفل به تاريخ نشأة هذه الفرق الخارجة على اختلاف مسمياتها
ووالله لقد أحسنت وأجدت الطرح أخي الفاضل وشاعرنا القدير
الأستاذ حمدي شبانة
ولا أخفي عليك أنني في مقتبل العمر لم أكن من فئة المولعين بمادة التاريخ
إلا أنني منذ قرأت هذا الموضوع وجدت في نفسي عارم الرغبة في المعرفة والفهم والبحث
إشباعًا لفضولي الشديد الذي تزامن مع ما هو قائم على الساحة الآن من معطيات محيرة
والحقيقة أنك أفدتنا جدا بإتيانك بهذه المعلومات القيمة عن تاريخ الأمة الإسلامية
جزاك الله عنّا كل خير وبارك فيك وأفاض عليك من جزيل عطاياه
ورحم الله القادة والسلاطين العظام الذين دافعوا عن الإسلام والمسلمين
وفي انتظار المزيد تقبل خالص احترامي لشخصك القدير
مع عاطر التحايا وأطيب المنى
آمال