دراسة شاملة عن الأسيرات الفلسطينيات
الإحتلال اختطف قرابة 700 فلسطينية خلال إنتفاضة الأقصى
الأسيرات الفلسطينيات ... روايات مؤلمة وتجارب نادرة
تفتيش عاري وتهديد بالإغتصاب وتحرش جنسي
* أعداد / عبد الناصرعوني فروانة
ان المرأة الفلسطينية لم تتردد في الإنخراط في العمل الوطني الفلسطيني ، من أجل الخلاص من الإحتلال وتحرير فلسطين ومقدساتها ، و اندفعت إلى ساحة النضال بشكليه السلمي والمسلح منذ بدايات الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين ، بل ومنذ الإنتداب البريطاني لفلسطين ، ولقد شُكل أول اتحاد نسائي فلسطيني عام 1921 بهدف مناهضة الإنتداب البريطاني والوقوف في وجه الاستيطان الصهيوني ، وفي العام 1948 شُكلت فرقة باسم "زهرة الأقحوان" ، من قبل عدد من النسوة في يافا وهي فرقة نسائية سرية للتحريض وتزويد الثوار بالأسلحة والتموين .
و مما لا شك فيه أن المرأة الفلسطينية تأثرت كالرجل من آثار نكبة 1948 مما عزز لديها شعور الإنتماء للوطن وضرورة النضال من أجل الخلاص من الإحتلال ، ما دفعا لتطوير مشاركتها في العمل السياسي والكفاحي ، وبعد حرب حزيران عام 1967 واحتلال باقي فلسطين ، أحدثت المرأة الفلسطينية نقلة نوعية في طبيعة ونوعية مشاركتها في النضال ، فهي جزء من الشعب الفلسطيني وواجهت ما واجهه أبناء الشعب الفلسطيني كافة من ظروف قاسية وصعبة جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يستثنِ طيلة سنوات احتلاله لفلسطين ، المرأة من ممارساته القمعية الهادفة لإذلالهم والتنكيل بهم والتنغيص عليه .
وأن المراة الفلسطينية شكلت بعد ذلك العديد من الإتحادات النسائية ، كما انخرطت في صفوف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية المقاومة والمتعددة ، وشاركت فيها بشكل فاعل وكان لها دور بارز في كافة الأنشطة النقابية والإجتماعية والسياسية والثقافية و..إلخ ، وكانت دوماً شريك الرجل، تقف إلى جانبه وتسانده وتقوم بالدور الملقي على عاتقها لخدمة وطنها وقضيته العادلة، وكان لها دور فاعل خلال الإنتفاضة الأولى وفي عملية البناء التي تلتها ، وحتى العمل العسكري لم يكن حكراً على الرجال فقط ، بل شاركته المرأة في العديد من العمليات العسكرية النوعية ضد الإحتلال وافرازاته بشكل مباشر ، منذ بدايات الإحتلال ولغاية الآن .
وهناك بعض المناضلات اللواتي كان لهن دور مميز في العمل العسكري على سبيل المثال لا الحصر المناضلة الشهيدة شادية أبو غزالة وهي أول شهيدة فلسطينية عسكرية واستشهدت بتاريخ 28/11/1968 ، والمناضلة الشهيدة دلال المغربي والمناضلات الإستشهاديات هبة ضراغمة وهنادي جرادات وآيات الأخرس ، والمناضلة ليلى خالد التي تميزت بخطف الطائرات ، وغيرهن الكثيرات.
وأكد فروانة في دراسته أن المرأة الفلسطينية قد ظهرت بأكثر من صورة خلال تلك المسيرة الرائعة ، فظهرت الأم المثالية والمربية القديرة ، والمهنية المتميزة والمناضلة العنيدة ، والمقاتلة الشرسة ، والقائدة المحنكة والمبعدة الصبورة الحالمة بالعودة للوطن ، كما وأنها تعرضت للأسر كما الرجال وكانت الأخت فاطمة برناوي هي أول مناضلة فلسطينية يتم اعتقالها وذلك في تشرين ثاني 1967 بعد وضعها قنبلة في سينما صهيون في مدينة القدس، وحكم عليها بالسجن مدى الحياة.
وتفيد كافة المعطيات والإحصائيات أن قوات الإحتلال الإسرائيلي و منذ العام 1967 ولغاية الآن اعتقلت أكثر من ( 10000 ) عشرة آلاف مواطنة فلسطينية ، من بينهن قرابة ( 700 ) مواطنة اختطفتهن خلال إنتفاضة الأقصى ، وبقى منهن لغاية الآن في السجون الإسرائيلية ( 110 ) أسيرات .
و أن الغالبية العظمى منهن متواجدات في سجن تلموند ، ومنهن ( 5 ) أسيرات قاصرات لم يتجاوز عمر الواحدة 18 عاماً ، كما أن بينهن أرامل والعديد من الأمهات اللواتي تركن أطفالهن دون رعاية .
اعتقال يصاحبه ضرب واهانة واحتجاز في قبور تسمى سجون
واعتقال الإناث كما اعتقال الذكور كما يشير فروانة في دراسته يصاحبه ضرب وإهانة ، وترهيب وترويع، و يتعرضن في مراكز التحقيق والإعتقال لمعاملة قاسية ولأصناف مختلفة من التعذيب والضرب المبرح دون مراعاة لجنسهن واحتياجاتهن الخاصة .
وكافة المعلومات تؤكد بان جهاز الأمن الإسرائيلي يسعى جاهداً وباستمرار إلى ابتداع السبل لإذلالهن وقمهعن والمساس بشرفهن وكرامتهن من خلال مرور السجانين في اقسامهن ليلاً وأثناء نومهن ، وفي كثير من الأحيان يتم اقتحام غرفهن مباشرة ليلاً وفجأة من قبل السجانين دون أن يتمكنَ من وضع المناديل كغطاء على رؤوسهن .
و في أحيان أخرى تم تمزيق المناديل والجلابيب في تعدي صارخ لخصوصيتهن وكرامتهن .
وعن أوضاعهن المأساوية فحدث ولا حرج ، فالفئران باتت تقيم في الزنازين مع الأسيرات تقاسمهن الطعام الذي هو أصلاً سيء ، وغير صحي ولا يفي بالحد الأدنى لإحتياجات الجسم وكثيراً ما وجدوا فيه الذباب والحشرات والأوساخ ، بالإضافة للبرد القارص في الشتاء والرطوبة، وعدم وجود تدفئة وأغطية كافية ، والإزدحام وقلة التهوية.
وتتعمد إدارة السجون إلى وضع السجينات الجنائيات الإسرائيليات في نفس أقسام الأسيرات الفلسطينيات ، حيث يقمن بمضايقتهن بشكل مستمر وازعاجهن بالصراخ اثناء ادائهن للصلاة ، وإطلاق الشتائم وسب الذات الإلهية والألفاظ القذرة .
واستناداً لحداث موثقة ففي أحياناً كثيرة يعتدين عليهن بالضرب وبسكب الماء بشكل مفاجئ مما يزيد الامور صعوبة داخل السجون الاسرائيلية ، وازدادت معاناتهن أسوة ببقية الأسرى خلال انتفاضة الأقصى حيث استغلت إدارة السجون عددهن القليل وقامت بالاستفراد بهن وزجهن في زنازين انفرادية وحرمانهن من أبسط متطلبات الحياة الإنسانية وفرضت عليهن غرامات مالية بشكل جماعي وفردي وتخصم من حسابهن الخاص أو من حساب التنظيم التي تنتمي له الأسيرة .
شهادات حية .. مؤلمة ومريرة
وفي دراسته استحضر فروانة بعض الشهادات وقال لقد التقينا بالعديد من الإسيرات المحررات ولدينا العديد من الشهادات الحية لبعضهن اللواتي اللواتي تعرضن للإعتقال والتعذيب ، ونورد بعضها حيث تقول الأسيرة المحررة فيروز عرفة بنبرات ممزوجة بالفخر والألم ، أنها اعتقلت ثلاث مرات وأمضت بضعة سنوات في سجون الإحتلال الاسرائيلي وتعرضت لتعذيب قاسي وشبح ووضعت تحت دش من الماء الساخن ثم نقلت إلى دش ماء بارد ، بالإضافة للحرمان من النوم والطعام والضرب المبرح بالهراوات على الرأس وباقي أنحاء الجسد مما أفقدها وعيها عدة مرات .
وتضيف عرفة وهي من غزة ومثقفة وتعمل مديرة مكتبة جمعية الهلال الأحمر بغزة "عندما شاهدت صور سجن أبو غريب لم أندهش فلقد شاهدت بأم عيني كيف يقومون بتعرية الأسير وضربه أمامنا ، وتهديدنا بأن مصيرنا سيكون مثلهم ، وتتألم حين تتذكر أن إدارة السجون كانت تجبرهم على ارتداء الملابس القصيرة جداً والممزقة والبالية والتي تظهر أكثر مما تُخفي ، ومع ذلك تقول : " علمني السجن معنى الصمود والثبات وروعة الحياة الجماعية ، وعلمتني الحياة والتاريخ أن سجون القهر والاحتلال إلى زوال وسيأتي يوم تشرق فيه شمس الحرية " .
وفي شهادة أخرى تفيد الأسيرة المحررة أ. ح أنها تعرضت لمحاولتي اغتصاب ولتعذيب قاسي لا زالت آثاره حتى اللحظة رغم مرور سنوات طويلة على تحررها .
والأسيرة " ش " تقول : أن من مآسيها خلال فترة التحقيق أنها عانت فترة حدوث الدورة الشهرية حيث طلبت من السجانة إحضار فوط لها ، إلا أنها رفضت فازداد وضعها سوءاً ، فطلبت منها السجانة الإعتراف مقابل أن توفر لها احتياجاتها ، كما وأن المحقق أجبرها على رفع الشال عن رأسها وغازلها بنعومة شعرها وهددها بالإغتصاب إذا لم تعترف .
الأسيرة " ر.ع " قالت: أنها منذ لحظة اعتقالها من البيت قام الجنود وبشكل ميداني بتفتيشها تفتيشاً عارياً ، ثم نقلت وهي مكبلة بالسلاسل الحديدية لمعتقل المسكوبية للتحقيق وهناك جرى تفتيشها تفتيشاً عارياً مرة أخرى وقالت انهم وضعوني في زنزانة فيها شباب وعندما احتج الشباب على ذلك أدعو انهم وضعوني بالخطأ ثم نقلوني إلى زنزانة أخرى تشبه القبر وضيقة جداً ولم استطع حتى أن امدد رجلاي فيها .
الأسيرة " س. ص " ذكرت أنها أعتقلت وهي حامل في الشهر الثاني وأثناء الإعتقال داهموا منزلها وأخرجوا من فيه وأجبروا الرجال على خلع ملابسهم عراة أمام الأطفال والنساء ، وتضيف : أما أنا فقد أوقفوني بعيداً عن النساء ومن ثم ألقوا أوامرهم بأن أدخل إلى غرفة متحركة مليئة بكاميرات التصوير وبها جندي طلب مني أن أخلع ملابسي كاملة فرفضت في البداية ثم أشهروا السلاح وهددوني بالقتل ، وبعدها فعلت ذلك مجبرة أمامه وتحت تديد السلاح ، فأحضر لي أفرهولاً أبيض ارتديته وبدأت رحلة التحقيق والتعذيب .
وأسيرة أخرى طلبت عدم ذكر اسمها قالت " لقد تعرضت لعمليات تحرش جنسي، وتم تصويري بصور فوتوغرافية، وبعد أن قضيت بضعة سنوات أفرج عني منتصف التسعينات ، وخلال محاولتي السفر ، فاجأني رجل المخابرات على المعبر بتلك الصور".
وكما قلنا آنفاً لدينا شهادات عديدة موثقة ومروعة لأسيرات فلسطينيات معتقلات في السجون الإسرائيلية أو محررات ، وجميعها تؤكد ان المحققين الإسرائيليين يتحرشون بالأسيرات ويهددونهن بالاغتصاب، إذا لم يدلن باعترافات.