زواج القاصرات للأسف أصبح ظاهرة متفشية في المجتمع
و أسبابها معروفة طبعا للجميع و لا تخفى على أحد و أولها
الفقر ثم الجهل ثم الخوف من العنوسة التي تؤرق مضاجع
الكثيرين تجد الأب و الأم يقولون لك (أجوزها صغيره علشان أضمن
مستقبلها و أطمن عليها قبل ما أموت و تخلف بدري بدري و تربي عيالها
في وسطنا و نفرح بيها و بعيالها) منتهى التخلف فهي لم تنضج بعد لتعرف
معنى كلمة زواج و لا مسئولية الزواج و لا متطلبات الزواج -كأنثى-
حتى أن خصوبتها لم تكتمل بعد و لم تتهيأ لهذه الحياة الجديدة
تفرح بالفستان الأبيض و المساحيق على وجهها كالدمية و البيت الجديد
و الزغاريد و تجمع الأهل حولها بالتصفيق و الغناء تشعر أنها ملكة
متوجة و بعد أن تدخل باب بيتها تنتهي فرحتها التي كانت تسكن قلبها
و تبدأ رحلة العذاب الحقيقية من متاعب جسمانية و نفسية و تجد نفسها
في موقف لا تحسد عليه و مشاكل لا تنتهي لأنها لا تعرف كيف تتعامل
معه كزوج و كرجل وتبدأ الشكوى منها لأهلها و يبدأ البكاء و النكد
و يتدخل الأهل للإصلاح بينهما فتجد أن العقل لم يكتمل بعد و لا تستوعب
ما يحدث و لا تتفهم أبعاد الأمر و يحدث الطلاق العاجل و المصيبة الكبرى
إذا حدث حمل قد تتعرض حياتها للخطر لأنها طفلة تحمل بأحشائها طفلا
و للحمل متاعبه التي تنوء بها الجبال و بذلك نكون قد صدرنا للمجتمع جيلا
من الضعفاء جسمانيا و عقليا و أسرا مشردة و مشتتة و طلاقا و خلافا و شقاقا
و دموعا لا تنتهي فبعد الفرحة و الزغاريد جاء الصراخ و اللطم و العويل
لعل الآباء يعرفون أن الله حق و أن زواج بناتهم في هذه السن الصغيرة
هو وبال عيهم جميعا و مصيبة يعاقبه الله عليها في الدنيا و الآخرة و القانون
و لو أن للقانون ثغراته التي ينفذ منها البعض و يتحايل عليه ظنا منه أن هذا
التحايل و هذا النصب (شطارة) بالعكس هذا هو الفشل الذريع و الخيبة القوية
حسبنا الله و نعم الوكيل في هؤلاء الآباء الذين يقذفون بفلذات أكبادهم في أتون الضياع
بجهلهم و فقرهم و بسوء تفكيرهم العقيم و أتمنى من الله أن يهدينا جميعا للخير و الحق