لا أيها الوقت ألا أيها الوقت
قلنا وقلنا بكل اللغات وكل الرموز
وكل الإشارات
قلنا وقلنا، وها نحن ألسنته عقدتها الخلاصة
لا لم نقل أيها الأبكم الفذ
في صمتك القول والفصل والحكمة الحاكمة
إلى أين تُفضي؟
إلى أين تمضي سلالاتك الحرة الراغمة؟
يا سيدي الوقت
عدت ولم أمضي
في كل بحر سبحت
وبحت
على كل ريح جمحت وصحت
ويا وقت أدركت سر الحجارة
قلت الحديد
وهذبت روح البرونز
اصطفيت النحاس طويلاً
ومن ذهب خالص قلت أمضي
إلى ذهب خالص
عبر ما تمنح الأرض عشباً وحلماً
مروراً بصبح الحدائق
صافحت في رحلتي دهشة الكائنات
اصطحبت شعوباً بلا عدد
وقبائل في نسلها تتعارف
بانية هادمة
وبانية هادمة
ويا وقت بانية القدس أقداسها ملء
أنقاض خيباتها الآثمة
مباركة بالبروك
منزهة عن مسيل الدم
بالهيولة مباركة
بالكلام الصحيح بصدق اللسان مباركة
بنقاء الضمير
وقلت:
منزهة عن مسيل دمي
كيف اغمطها حقها؟
دنستها براءتها
لا مفر من الحزن
كفارة الكائنات
ليجتمع الخلق.. حقاً ليجتمع الخلق
في أي شكل
قطيعاً وعائلة، غابة ومحيطاً وسرباً
ليجتمع الخلق حول الكنوز المثيرة سراً علانية.
ليبوحوا بأحلامهم خلف حد العناصر
وليشتروا كيف شاؤوا يداً في يد
أيها الوقت
وليكشفوا بعض ما تشتهي
وليكن في يديك المصير
سنبلى فرادي وتبقى الأخير
ونبلى على كثرة وتظل الأخير الأخير
وحيداً بسلطان ضربتك القاصمة.
للشاعر /سميح القاسم