تمسك بهاتفك الموجود معك
هنالك حرب خفية تدور رحاها بين شركات التكنولوجيا بشكل عام وشركات الهواتف الذكية بشكل خاص،
والضحية هو المستخدم الذي يريد كل شيء جديد بدون الانتباه إلى أن ما يملكه الآن
قد يُغنيه عن السعي واللهث وراء كل جديد يتم إطلاقه من هذه الشركات دون الانتباه
إلى أنه قد يخسر الكثير من ماله وكمية من المبادئ في سبيل الحصول على مثل هذه المنتجات.
الحرب القادمة هي حرب الهواتف الذكية بكل ما تعنيه هذه الكلمات من معنى،
فكل شركة تريد الحصول على أكبر الحصص والمبيعات لمنتجاتها بدون التفكير ولو لمرة
بأن الجودة هي الأساس وليست الكمية.
أبل أطلقت هاتفها الجديد بدون منفذ السماعة التقليدي وواجهت الكثير من الانتقادات والآراء غير الإيجابية
في أنها بهذا الأمر قد تخسر الكثير من المستخدمين خاصة المحبين لها،
والمشكلة ليست في إطلاق الجهاز فالكل يعلم بأن أجهزة أبل لديها معظم المميزات التي يحلم بها كل مستخدم،
ولكن المشكلة الحقيقية هي في التكلفة المالية والمواد التي تم إستخدامها في صنع مثل هذه الهواتف.
وإذا نظرنا لسامسونج نجد أنها قد فقدت وما زالت تفقد الكثير من سمعتها في عالم الهواتف الذكية
بإطلاق هاتفها سامسونج جالاكسي نوت 7 والذي نستطيع أن نقول عليه أنه قد فشل فشلاً ذريعاً في السوق
وصل لحد سحبها وإيقاف إنتاجها نهائياً،
وكل هذا بسبب أنهم يريدون الحصول على حصة من السوق على حساب الجودة.
التكاليف الخفية وراء إنتاج الهواتف الذكية
بكل تأكيد لابد أن يكون لأي صناعة جانب سيئ،
وفي الهواتف الذكية نجد أن هنالك تكاليف باهظة يتم دفعها للخروج بالهاتف إلى العلن،
وأهمها التأثير على البيئة و المناخ في الكوكب، إضافة إلى استهلاك الطاقة
حيث وجِد أن الطاقة المهدرة على مشاهدة ساعة من الفيديو على هاتفك الذكي في الأسبوع لمدة عام
، تستطيع تشغيل وإمداد ثلاجتين بالطاقة الكهربائية بصورة دائمة.
كما أن التخلص من الهواتف الذكية يتم بثمن باهظ على مستوى البيئة،
خاصة البطاريات التي لديها تأثير سلبي جداً على المناخ نظراً لما تحتويه من مواد سامة وضارة،
وبالإمكان الحفاظ على البيئة من خلال تدوير مواد الهاتف من جديد،
وذلك للتقليل من النفايات الإلكترونية التي يخرج منها
والمتضرر الأول من هذا الأمر هي الدول النامية التي تكون أرضاً خصبة للتخلص من هذه النفايات السامة
وتم تقدير النفايات الإلكترونية في العام القادم بأنها ستقارب 60 مليون طن
الجزء الأكبر سيتم التخلص منها في الدول النامية والفقيرة
وفي هذا ضرر بالغ لمجتمعات هذه الدول في المستقبل.
الآن ربما تكون سعيداً بالحصول على أحدث هاتف ذكي بعد أن تخلصت من القديم،
ولكن عليك أن تشعر بالأسف بأنه كلما تطورت تكنولوجيا الهواتف
زادت المواد والمعادن النادرة المستخدمة فيها منها الذهب والقصدير وما إلى ذلك،
والتي يتم استخراجها بواسطة الأطفال تحت تهديد السلاح خاصة في دولة الكونغو الأفريقية.
وشركات الهواتف تعرف هذا جيداً وتشعر به،
ولكنها تغض الطرف عن المجاهرة بهذا الأمر في سبيل الأرباح المالية،
ومعظم المستخدمين يكونون فرحين بالمنتج الجديد ولكن يجب عليهم أن يشعروا
بأنه في سبيل امتلاك هاتف ذكي يتم دفع تكلفة باهظة الثمن وقودها الأطفال
ونضوب المعادن النادرة من على وجه الأرض.
فلنكتف بالقديم ولنحصل على الجديد في حالة الضرورة فقط
كواليس صناعة آيفون
الشركات ومصنعي الهواتف الذكية لا هم لهم إلا المال وتحقيق الأرباح،
وهذا يأتي على حساب مجموعة من القيم والمبادئ التي يتم تدميرها كل يوم
وأهمها عمالة الأطفال وتدمير البيئة،
ولكن نحن كمستخدمين علينا أن لا ننساق وراء الإعلانات والعروض المبهرة.
فهل امتلاك هاتف ذكي ملفوف الشاشة مثلاً يمكن أن يستحق هذه التكلفة الباهظة،
إن عمظم الهواتف التي يُطلق عليها جديدة ربما ليست جديدة في الواقع
فمعظم التقنيات والمميزات تكون موجودة في النسخ السابقة لها،
ولا تتغير عنها سوئ بشكل طفيف قد لا نحتاج إليها فعلاً.
وبالتالى الاحتفاظ بنفس نسختك الحالية من هاتفك الذكي لا يُضيرك فعلاً،
بل سوف توفر أموالك بشكل ملحوظ بدلاً من الانجرار والانسياق وراء الإعلانات الخادعة
للحصول على منتج ربما لا يختلف كثيراً على الذي تمتلكه الآن،
وفي نفس الوقت إرسال رسالة لمصنعي الهواتف الذكية بأن الكمية لا فائدة منها
بل الأهم هو إطلاق هاتف كل ثلاثة سنوات بمميزات فريدة وغير موجودة في نسختك الحالية
بدلاً من إغراقنا كل سنة بهاتف يكون طبق الأصل من الموجود حالياً.
فالتغيير لمجرد التغيير قد يبدو للبعض أمراً مثيراً، ولكنه في نفس الوقت سلوكاً غير صحي تماماً،
وتكون الفائدة الأساسية ليست لك أنت بل هى الأرباح التي تُضخ لهذه الشركات
التي تعمل المستحيل لإغراء المستخدم في الحصول على منتجاتها، بدون أن تجتهد كثيراً لترقية وتطوير أجهزتها.
وهذا ما شاهدناه حالياً مع شركة سامسونج الكورية التي اهتمت بالكمية بديلاً عن الجودة
والنتيجة فشلاً ذريعاً وسقوطاً مدوياً قد لا تنهض منها في القريب العاجل،
وستكون جميع إصدارتها القادمة مثار شك وريبة من المستخدمين حيث يثبت العكس.
فيجب أن تكون مبادئ مثل التنمية المستدامة، وحقوق الإنسان، والحفاظ على البيئة، والجودة قبل الكمية
هي السائدة والتي يجب أن تعمل عليها الشركات ومصنعي الأجهزة الإلكترونية،
ويجب أن يسير عليها أيضا المستخدمين هواة التغيير بصورة دائمة ومستمرة،
فالاستقرار يجب أن يكون شعارهم الرئيسي منذ الآن وصاعداً.
تمسك بهاتفك الموجود معك الآن، ولا تغيره إلا عند الضرورة القصوى
منقول