مبارك بيخرف
فجّر الكاتب المصري الشهير محفوظ الأنصاري مفاجأة من العيار الثقيل، كاشفاً عن مكالمة هاتفية بينه وبين جمال مبارك أسدلت الستار على حياته الصحفية
ونقلا عن "العربية نت" تشير المكالمة إلى صراع كان يدور داخل "قصر الرئاسة" بين الرئيس السابق حسني مبارك ونجله. وفيها قال له جمال مبارك: "إذا تحدث معك الرئيس
فاستمع إليه ولا تنقل عنه.. فهو لا يعرف وما يقوله غير صحيح".
وتولى الأنصاري رئاسة تحرير "الجمهورية"، وهي إحدى الصحف الثلاث القومية اليومية الصباحية الكبرى، في الفترة من عام 1984 حتى 1998، ثم انتقل بعدها إلى رئاسة تحرير
وكالة أنباء الشرق الأوسط "الرسمية" وبعد سنوات قليلة اختفى تماماً عن المشهد.
وفي تفاصيل المكالمة ورد ما يلي: "دق جرس التليفون في ساعة مبكرة من الصباح".. رفعت السماعة.. وجاء صوت الجانب الآخر:صباح الخير.. أنا جمال مبارك.. ما هذا الذي كتبته
في الأهرام.. وما هذه "المانشيتات التي تغطي الصفحة الأولى.. وجميعها خاطئة وكاذبة". قلت: أنا لا
أكتب في الأهرام.. ونشرته الوكالة التي أتولى رئاستها كنشرة داخلية للمشتركين. وليس بها مانشيتات ولا عناوين مثيرة.. أو غير مثيرة.
قال: كيف هذا.. رئيس الأهرام قال لي الآن وفوراً إن ما هو مكتوب في الأهرام هو كلامك أنت ومصدره الوكالة.
قلت: ربما تقصد اللقاء والحديث الذي جرى بين الرئيس وبين رؤساء التحرير منذ عدة أيام بالطائرة الرئاسية.
وهنا يظهر أن الفتى لم يكن موجوداً في مصر.. وعاد يتعامل مع تقارير عملائه التي أعدت له.. المهم، بغضب شديد قال: كيف تسمح لنفسك أن تكتب وتؤكد أن الدستور لن يعدّل، وأن
المنادين والمتحدثين عن التعديل أبواق تردد كلمات حق يراد بها باطل.. وكان هذا المقطع الأخير.
أحد العناوين التي اختارها الأهرام للمانشيت. قلت: لست أنا ولا الزملاء من أثار وتحدث عن الدستور وتعديله أو عدم تعديله. رئيس الجمهورية هو الذي اختار موضوع الدستور وتكلم
فيه ودون أن يسأله أحد.. وأكد أنه لن يسمح بالتعديل تحت أي ظرف ومهما علت أصوات من أطلق عليهم "القلة".
وبالمناسبة.. اللقاء تطرق لموضوعات شتى وليس فقط الدستور وتعديله.. وكل ما قيل تم نشره في الصحف وأذيع في التلفزيون والإذاعة.
وجاء رد فعل "الفتى" على هذا الشرح غريباً ومستفزاً وبعيداً عن كل منطق. قال: طيب.. خلاص. صدقنا أن هذا ما قاله الرئيس.. أنت تنشره وتذيعه ليه؟ خاصة أنه خطأ وغير صحيح،
وستتغير بعض بنود الدستور بأسرع ما يمكن. قلت: كيف لنا أن نعرف أن ما يقوله الرئيس صحيح أم غير صحيح.. وهل يجوز لرؤساء التحرير أو غيرهم أن يكونوا رقباء على رئيس
الدولة.. وعلى أي حال إذا كانت هناك أمور محل خلاف بين قيادات الدولة فمن الأفضل أن تضعوا الصحافة في الصورة.. على الأقل تلميحاً لا تصريحاً.. لنتجنب سوء الفهم والوقوع في ا
لخطأ، فجاء ردّه كالمدفع: هل تظن أننا "فاضيين" للصحافة، وعلى كل.. ما كتبتموه عن الدستور وتعديلاته غير صحيح.. وستحدث التغييرات بأسرع مما تتخيل.. وعلى فكرة اسمع أنت
وزملاءك.. الجلسات المطولة والمفتوحة التي كان يعقدها الرئيس معكم انتهت ولن تتكرر. أيضاً الأحاديث التليفونية التي لا ضوابط لها وتخوض في كل شيء ستتوقف. ولن يسمح بها بعد
الآن.. الشاب استعجل تجهيز المسرح .
واستطرد الأنصاري: لحظة هذا الحديث التليفوني المفاجئ. لم أستطع تبيان هذه الحدة.. وهذا الغضب في لهجة مبارك الابن والوريث، لكن سرعان ما تكشف كل شيء..فالشاب في عجلة
من أمره.. يريد أن ينتهي من عملية تجهيز المسرح للقفز على السلطة. وتحويل الحديث عن التوريث إلى واقع، خاصة أن ملامح الخطة كانت قد وصلت من "الخارج" ومستندة إلى فكرة
أساسية هي "تعديل دستوري" جذاب.. وأكثر ديمقراطية.. يقضي بأن يكون اختيار رئيس الجمهورية الجديد بالانتخاب المباشر وليس عن طريق الاستفتاء.