نعم الجوع كافر بكل مله وقيمه ودين
ففى مواجهه الجوع تسقط كل القيم والثوابت والمقدسات واولها الوطن
اساتذتى الافاضل
اقترب شهر رمضان الكريم من الانتهاء
وكلنا عرفنا الجوع فى الايام الماضيه وعرفنا معه الظمأ والتعب والارهاق الناتجين عن الجوع
ولكن
كلنا اختار ذلك الجوع بمحض ارادته تقربا الى الله
وكلنا يدرك كل يوم ان جوعه سينتهى مع اذان المغرب
فكلنا يضمن تواجد الطعام والشراب
بل كلنا يضمن تواجدهما بكميات وانواع اكبر واكثر مما اعتاد عليه باقى العام بمناسبه شهر رمضان الكريم
كلنا متاكد ان الطعام موجود بكميات اكبر مما يحتاج اليه
فقط ننتظر اذان المغرب لتناوله
فكلنا تنتهى معاناتنا مع الجوع مع صوت الاذان
وكلنا تنتهى معاناتنا السنويه مع الجوع بنهايه شهر رمضان الكريم
انه جوع جميل يقربنا الى الله ويطهر نفوسنا ويسموا بارواحنا
ولكن
هناك ملايين الفقراء الغلابه البسطاء الطيبين يعرفون نوع اخر من الجوع
انه جوع يمتد على مدار العام
جوع لم يختاروه بارادتهم ولكنهم اجبروا عليه
جوع لا يعرفون متى ستنتهى معاناتهم معه
لانهم بكل بساطه لا يمتلكون القدرة الماليه على شراء الطعام
ولا يلوح فى افق حياتهم امل على قرب امتلاكهم لهذه القدرة
فى اليوم الاول
من ذلك الجوع يشعرون بالارهاق والتعب ومع ارتفاع اذان المغرب واستمرار جوعهم المفروض عليهم بحكم الظلم الانسانى
تخلو معدتهم من الطعام ولكن تمتلىء قلوبهم بالغضب على ذلك المجتمع الذى تركهم فريسه للجوع
وفى اليوم الثانى
ومع ازدياد صرخات الالم بداخلهم بعد ان يفترس الجوع امعاءهم
ومع كل ثانيه جديدة يزداد افتراس الجوع لهم ويزداد صراخ الالم بداخلهم
فوقت الجائع لا يحسب بالساعات والايام
بل يحسب بالثوانى والدقائق
فمع كل ثانيه جديدة يزداد الم الجوع
ومع كل دقيقه جديدة تشتعل نيران ذلك الالم داخل الجائع حتى تصل الى روحه فتسحقها
ورويدا رويدا يختفى الغضب من قلوب الجائعين
ليس لانهم قبلوا الجوع قدرا لهم يستسلمون له
ولكن
لان النفس الانسانيه بداخلهم تموت
ويتحول الجائعين الى اجساد بشريه تبحث عن الطعام باى ثمن
مجرد اجساد بشريه تريد الاحساس بالشبع باى ثمن ومن اى طريق ومهما كان الثمن
فمع الجوع تسقط كل القيم والثوابت والمقدسات واولها الوطن
وتتحول كل المبادىء والقيم والمثل العليا الى مجرد كلمات لا معنى لها
مجرد كلمات يتلهى بترديدها وكتابتها مدعى الثقافه والفكر والدين المتخمين بالطعام
اما الجائعون
فبعد ان تموت نفوسهم الانسانيه بداخلهم تحت وطأة الجوع فقد اصبحوا لا يؤمنون الا بشىء واحد هو حتميه حصولهم على الطعام للبقاء على قيد الحياه باى ثمن ومن اى طريق ومهما كان الثمن
وفى اليوم الثالث
يصل ذلك الكائن الجائع( الذى كان فى يوم ما انسان ) الى مرحله التوهان فقد افترس الجوع انسانيته وها هو يفقد عقله ايضا ويدرك انه فى الطريق الى الموت مع نهايه اليوم الثالث
كثيرون منهم الى الان وهم البسطاء الطيبين يفضلون ان ياتى اليهم الموت مع اليوم الرابع فى صمت وهدوء
والبعض من هؤلاء البسطاء الطيبين يدرك انه لاقدرة له على الاستمرار فى تحمل الالم فيقرر ان يذهب الى الموت بنفسه فينتحر بعد ان عجز عن الاسيتمرار فى تحمل الالم للنهايه
ولكن
مع التعليم وتلقى ابناء الفقراء البسطاء الطيبين قدرا من العلم
من المؤكد ان منهم من سيرى ان المجتمع قد قتله وان من حقه ان يقتص من قاتله قبل ان يذهب
ولكن
المتعلمون اكثر من ابناء هؤلاء البسطاء الطيبين الجائعين سيدركون ان الجوع ليس قدرا لهم
سيدركون ان جوعهم وآلامهم اختيار من حقهم ان يرفضوه
سيدركون ان من حقهم ان يشعروا بالشبع دون ان يقدموا اى تضحيات او يدفعوا اى ثمن لا يرضونه لانفسهم
من سيقرا الدين منهم
سيدرك ان المال كله مال الله والاغنياء مستخلفون فيه فقط
وانه اذا جاع المسلم فلا مال لاحد
سيدركون معنى ان يوقف الفاروق عمر ابن الخطاب تطبيق حد السرقه فى عام الرماده عندما جاع المسلمون
سيدركون معنى انه اذا جاع المسلم فلا مال لاحد
سيدركون معنى قول سيدنا ابو ذر الغفارى عجبت لمن لا يجد قوت يومه ولا يخرج على الناس شاهرا وسترتفع آلاف وملايين السيوف التى سيرفض اصحابها الجوع قدرا يرضخون له
سيدركون ان كل ثروة الوطن جزء من بيت مال المسلمين ولهم حق اكيد فيه
وسيدرك انه اذا مات فى طريقه للحصول على حقه من مال الله الذى منعه عنه الاغنياء فسيكون شهيدا
فمن مات دون ماله فهو شهيد
نعم سترتفع آلاف وملايين السيوف باسم الله لتدافع عن حق الفقراء فى الحياه والطعام
ومن سيتجه من ابناء الفقراء الى قراءه الفكر الانسانى
سيدرك ان له حق فى ثروة الوطن بصفته احد ابناؤه فله حق فى كل ثروة الوطن من بترول وغاز طبيعى وزراعه وصناعه بل له حق فى ثروة الاغنياء بواسطه الضرائب التى يجب ان يدفعوها
وان من حقه ان يحصل على ذلك الحق
وان من حقه ان يقاتل فى سبيل ذلك الحق ليكون بطلا فى قومه
من رحم الجوع سيولد آلاف وملايين الابطال
فاحترسوا فالجياع قادمون
قادمون غاضبون ثائرون فقدوا ثقتهم فى كل شىء وسقطت بداخلهم كل الثوابت والقيم والمقدسات واولها الوطن
جمال النجار